إنّها مسرحية "هالة والملك" رائعة الأخوين رحباني التي قدمت في عرض أول
لها على خشبة مسرح البيكاديللي في بيروت ومن ثم في مهرجان الأرز عام 1965. عام 2008
قرر المنتج نادر الأتاسي تحويل هذه المسرحية إلى فيلم سينمائي بعنوان "سيلينا"،
سيناريو وحوار الكبير منصور الرحباني وإخراج حاتم علي .
تسير نحو
النجومية الاولى في
الوطن العربي
يكفي ورود هذين الإسمين لجعل نجمة مثل
ميريام فارس، شابة واثقة بخطواتها، تسير نحو النجومية الاولى في الوطن العربي. صرحت
باستمرار أن التمثيل غير وارد حالياً، بالنسبة إليها، لأن الوقت ما زال للكلمة
المغناة وليس للمشهد المشخص. لكن تلك الاسماء "الكبيرة" جعلتها تقدم على هذه
المغامرة وهي فعلاً مغامرة بكل ما للكلمة من معنى.
الإعلان الصدمة
لم
يأتِ التوقيع على اطلاق الفيلم في اطار حملة إعلامية ضخمة بل على شكل تسريبات ذكية
من فريق عمل ميريام، حتى لا يشكل هذا الاعلان نوعاً من الصدمة لا يُعرف اذا ستكون
ردود الفعل عليها إيجابية أم سلبية. من منا لا يذكر الإنتقادات التي وجَهّها بعض
الأقلام إلى ميريام ما إن سمعت أنها ستتولى بطولة "هالة والملك".
وحتى لا
يُقرأ الفيلم من عنوانه بأنه نسخة طبق الاصل عن "هالة والملك " جاء الإسم الجديد
"سيلينا"، بأبطاله الجدد ميريام (سيلينا)، جورج خباز (الملك)، انطوان كرباج
(العراف)، دريد لحام (الشحاذ)، ليلى اسطفان (سهرية)، حسام تحسين بك (المستشار) وهو
الوحيد من الأسرة الرحبانية القديمة الذي يشارك في الفيلم.
لا شك في أن هذا
الإختيار وضع ميريام أمام خيار صعب، فهي أمام عمل قدمته أهم فنانة في تاريخ الغناء
العربي لها مكانة شديدة الخصوصية وشديدة التميز لدى الجمهور السوري، لا يخلو مقهى
أو ردهة فندق أو مسلسل سوري من أغنية لفيروز. يمتاز الفيلم بهوية سورية طالما أن
المنتج والمخرج سوريان والتصوير جرى بأكمله في المدينة السينمائية في منطقة يعفور.
إبداع عمالقة
بحسب ما جاء في "الجريدة" فإن الرحابنة لم يختاروا ميريام
فارس، إنما المخرج والمنتج معاً. صرحت ميريام أنها سعيدة بهذا الإختيار إلا انها
قلقة، وهو شعور طبيعي لأن الفيلم تجربتها السينمائية الأولى. رفضت الافصاح عن
ميزانيته خشية أن تتحول إلى موضوع مزايدة في سوق بورصة النجوم، فالقضية هنا ليست
قضية أجر إنما عمل يحمل توقيع العملاق منصور الرحباني ومنتج يطلق عليه لقب شيخ
المنتجين العرب ومخرج يشكل اسمه عنواناً لأي عمل فني تتوافر فيه عناصر النجاح
كلّها. تُرافق إطلاق الفيلم اوائل 2009 حملة إعلامية وإعلانية ضخمة في جميع الدول
العربية.
ميريام فارس أمام تحدٍ كبير
رداً على سؤال حول ما اذا
كان الفيلم الباب الذي ولجت ميريام عبره الى عالم التمثيل، تؤكد أن قبولها أي عمل
سينمائي مشروط بتوافر عناصر النجاح فيه كما هو الحال في "سيلينا". يجب أن يشكل
العمل السينمائي، بالنسبة إليها، إضافة إلى رصيدها الفني وليس مجرد رقم ينضم إلى
سلسلة الأعمال الفنية التي قدمتها.
يأتي هذا الفيلم في الوقت الذي تشهد فيه
العلاقات اللبنانية- السورية حالة من إعادة الترميم الجزئية، لكن ميريام ترفض هذه
المقولة وتؤكد أن الفن لا وطن له ولا هوية، فالفنان ملك الشعوب والدول ومن الجرم
تحديد إقامته أو سجنه في إطار ضيق، خصوصاً أننا اعتدنا، في الفترة الأخيرة، تسييس
كل ما يحكم العلاقة بين البلدين حتى لو كان مجرد فيلم سينمائي أو حفلة موسيقية.
عصر السينما الشابة
لا تواجه ميريام فارس وحدها التحدّي التي ستؤدي دور
فيروز إنما فريق العمل بمجمله، مثل جورج خباز الذي يؤدي دور الفنان الكبير نصري شمس
الدين، لكن ما يخفف من وطاة المقارنة بين هذا الجيل وجيل العملاقة أن المسرحية لم
تصور في السابق ولم تعد موجودة في الذاكرة بعد سنوات عجاف شوهت ذاكرة اللبناني بصور
الضحايا والدماء التي حلت مكان الصور الرحبانية الخضراء ورائحة الياسمين وأشجار
الصنوبر والصوت الفيروزي الخالد.
لا شك في أن ميريام فارس أمام تحدٍ كبير
ولكن لا ننسى، في الوقت نفسه، أننا في عصر الشباب وعصر السينما، كما يقول الفنان
الكبير محمود ياسين. تحمل ميريام فارس لقب نجمة الشباب وتملك عناصر النجومية موهبة
وغناء وأداء وتتمتع بقبول كبير لدى الشباب في أنحاء العالم العربي، من هنا يتجلى
العنصر المطمئن لهذه التجربة "المغامرة" في حياتها الفنية.
لكل فنان مفترق
طريق أو علامة فارقة. فهل سيكون هذا الفيلم العلامة الفارقة في حياة فارس الفنية أم
مجرد ذكرى في سجلها الفني الذي يحمل الكثير من النجاحات. نحن على موعد مع "سيلينا"
مطلع 2009 لنحكم وننتقد، فإما نقول لميريام يكفيك شرف المحاولة وإما نصفق لها.
نتمنى أن نفعل ذلك من كل قلبنا.